لأول مرة.. فلسفة أوجلان تنير عالم المكفوفين بطريقة برايل
عبدالله أوجلان قامة فلسفية وفكرية استثنائية، بما يقدم من أفكار إنسانية، جعلته دائماً موضع اهتمام وتقدير، من ذلك كتابة ملخص عن حياته وفلسفته لأول مرة بطريقة برايل للمكفوفين.
عبدالله أوجلان قامة فلسفية وفكرية استثنائية، بما يقدم من أفكار إنسانية، جعلته دائماً موضع اهتمام وتقدير، من ذلك كتابة ملخص عن حياته وفلسفته لأول مرة بطريقة برايل للمكفوفين.
المبادرة أطلقها الأستاذ الدكتور محمد رفعت الإمام أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في كلية الآداب بجامعة دمنهور المصرية، كنوع من التأكيد على مكانة المفكر عبدالله أوجلان، والحاجة إلى نقل أفكاره إلى عالم المكفوفين، وقد عاونه في تنفيذها الباحث المصري بليغ عبدالغني زيدان وهو من ذوي الهمم.
وتم طباعة كتابين، أحدهما يتناول أهم المحطات في حياة المفكر عبدالله أوجلان، لا سيما المؤامرة الدولية لاعتقاله، والتي يُحتجز على إثرها في سجن إمرالي بتركيا منذ عام 1999، أما الكتاب الثاني فاستعرض بعضاً من أركان وجوانب فلسفة الأمة الديمقراطية لأوجلان، والتي يُجمع كثير من المراقبين أنها تقدم الكثير من الحلول لإشكالياتنا السياسية والاجتماعية.
من هنا أتت الفكرة
تحدثت وكالة فرات للأنباء (ANF) مع صاحب الفكرة والمبادرة، الدكتور محمد رفعت الإمام، الذي أوضح أن الفكرة خطرت له أثناء تنظيم إحدى الندوات في العاصمة المصرية القاهرة، بمناسبة اليوم العالمي للعصا البيضاء، وهي الأداة التي يستخدمها المكفوفون من ذوي الهمم للتنقل، حيث أُقيمت الندوة في مركز آتون للدراسات، وكان الهدف من تنظيمها إحياء هذا اليوم بطريقة مختلفة، من خلال تحويله إلى ندوة ثقافية تناقش مجموعة من القضايا، مع جعل المتحدثين ومقدم الندوة من المكفوفين أنفسهم.
ويلفت إلى أن الندوة كانت يوم 15 تشرين الأول الماضي، حيث جرى استضافة الدكتور علي السيد الأستاذ في تاريخ العصور الوسطى، والدكتور محمد الدوادني أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، والإثنين من المكفوفين كمتحدثين رئيسيين، فيما أدار الندوة الأستاذ بليغ عبدالنبي زيدان وهو "شاب موهوب ومتميز" من المكفوفين – حسب وصفه له – ويُعد الدكتوراة بجامعة الإسكندرية في الدراسات الإسلامية.
ويقول الإمام إن الندوة تمت على أكمل وجه وكانت ناجحة، وخلال تداول الحديث، جاءت الفكرة حول لماذا لا تتم كتابة فلسفة الأمة الديمقراطية والمؤامرة الدولية لاعتقال عبدالله أوجلان بطريقة برايل الخاصة بالمكفوفين، مشيراً إلى أن الفكرة وجدت دعماً، وتم الوصول إلى إحدى المكتبات التي تقوم بتحويل الكتابات إلى طريقة برايل، وبالفعل طبعنا كتابين بهذه الطريقة، ولكل منهما غلافين باللغتين العربية والكردية.
ويلفت أستاذ التاريخ إلى أن هذه هي المرة الأولى في العالم، التي يتحول جزء من إنتاج مفكر أو ملخص لحياته إلى طريقة برايل، موضحاً أن الكتاب الأول تناول فلسفة الأمة الديمقراطية، فيما تناول الثاني قصة حياة أوجلان والمؤامرة الدولية التي تعرض لها، وبالتالي استخدمنا فكرة خارح الصندوق للاحتفاء بيوم العصا البيضاء بدلاً من الطرق النمطية.
فكر أوجلان يستحق
بليغ عبدالنبي زيدان الضلع الثاني لهذه المهمة، تحدثت إليه كذلك وكالة فرات للأنباء (ANF)، وقد استهل حديثه بالإعراب عن شكره للدكتور محمد رفعت الإمام على هذه المبادرة، قائلاً إن "شخصية مثل عبدالله أوجلان صاحبة فكر مهم وتأثير إنساني، كان يجب ويستحق أن يتم نقلها إلى عالم المكفوفين، وهو ما قد كان عبر كتابة ملخص فلسفة الأمة الديمقراطية، وكذلك حياته بطريقة برايل".
ويلفت بليغ عبد النبي زيدان إلى أنه يُستعان به عادة في تقديم الخدمات التقنية والعلمية للطلاب المكفوفين، حيث يساعدهم الجانب التقني على المساواة مع غيرهم وفهم واقعهم بشكل أفضل، وأوضح أنه تحمس للفكرة فور طرحها من قِبل الدكتور محمد رفعت الإمام، نظراً لإسهاماته الكبيرة وفكره المستنير والمفيد للمجتمع، وأضاف أن إيصال هذه الكتب إلى المكفوفين يمثل خطوة مهمة وضرورية.
ويؤكد الباحث أن الكتابين يحملان أهمية كبيرة لما يتضمنانه من أفكار قيمة، ويضيف: "حتى لو لم تكن متفقاً مع بعض هذه الأفكار، فإن الاطلاع عليها يمنحك فرصة لاكتساب معلومات جديدة عن شخصية مؤثرة مثل عبدالله أوجلان"، مما يساهم في إثراء المعرفة، وقد تم طباعة عدد كبير من النسخ بهدف توزيعها على نطاق واسع، لضمان وصول "الفكر العظيم الذي يحتويه الكتابان" إلى أكبر عدد ممكن من القراء.
وذكر زيدان أنه تابع المهمة من حيث المتابعة والمراجعة، والتأكد من صحة ودقة النصوص المكتوبة، منوهاً إلى أن شخصية مثل عبدالله أوجلان من الأهمية بمكان أن يتعرف عليها عالم المكفوفين بالطريقة التي يتعلمون بها، فضلاً عن أن التعرف عليه أمر مهم من الناحية المعرفية، ويفتح الآفاق الفكرية أمام أصحاب الإعاقة البصرية.